تفسير قوله تعالى: (ألا تعلوا علي واتوني مسلمين)
قال تعالى: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٣١].
أي: احذروا من الكبر، واحذروا من ترك عبادة الله سبحانه.
﴿وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٣١] أي: تعالوا إلي مستسلمين لله رب العالمين، عابدين الله، تاركين هذه الشمس التي تعبدونها من دون الله، فالكتاب فيه الاختصار، وفيه الحزم.
فقد حذرهم فيه من الكبر، ومن عدم تأمل العواقب، وبدأ بذكر اسمه، فقال: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] ثم بدأ بذكر الله المعبود الذي يستحق وحده العبادة، وذكر اسمين من أسمائه اللطيفة الكريمة، وهي أنه رحمن ورحيم.
فكأنه قال لها: إنك إذا عبدت الله فهو الذي سيرحمك سبحانه وتعالى.
قالوا: وفيه من السنن: أنك عندما تكتب لإنسان فتبدأ بذكر نفسك فتقول: من فلان إلى فلان.
وكذا كان النبي ﷺ يكتب إلى الملوك وإلى غيرهم، فيقول: من محمد رسول الله ﷺ إلى فلان بن فلان، ففيه: أنك تبدأ بالإخبار عن نفسك.
وبعض أهل اللغة فرقوا بين من يكتب إلى كبير من القوم، ومن يكتب إلى غيره.
فقالوا: إذا كتب إلى كبير كالذي يكتب إلى والده، أو إلى إنسان كبير في الرتبة وغيرها، فليبدأ به يقول: إلى فلان من فلان.
ولكن هنا في القرآن ذكر لنا ربنا سبحانه وتعالى: أنه بدأ باسمه هو فقال: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٣٠ - ٣١] فبدأت تتشاور مع قومها في الذي ستفعله في ذلك؟ أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الصفحة التالية
Icon