تفسير قوله تعالى: (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها)
قال: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا﴾ [النمل: ٣٧] أي: من بلدهم، ﴿أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: ٣٧].
فإذاً: ما قالته الملكة صحيح وهو قولها: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ [النمل: ٣٤]، فهي بنظرها أن هذا إفساد، ولكن في نظر سليمان ليس إفساداً؛ لكونهم كفاراً يعبدون الشمس من دون الله، فيستحقون أن يقاتلوا حتى يسلموا أو يقتلوا.
فقال: ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: ٣٧]، فالجواب كان حاسماً شديداً، ولذلك المرأة فهمت ذلك، وقالت: سأذهب إليه بنفسي، خوفاً منه صلوات الله وسلامه عليه.
فقال سليمان عليه الصلاة والسلام: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها﴾ [النمل: ٣٧]، أي: لا طاقة لهم بها، وجنود سيلمان من الجن ومن الإنس ومن الطير، فلا أحد يقدر على هؤلاء إلا رب العالمين سبحانه، فلذلك قال ببرود: ﴿لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ﴾ [النمل: ٣٧]، وهذا أسلوب قسم، أي: أقسم أننا سنخرجكم من هذه الديار طالما أنتم على شرككم أذلة وأنتم صاغرون.
ولذلك كانت المرأة ذكية، فطالما أن سليمان عليه السلام قد حلف أنه سيخرجنا، فسنخرج نحن باختيارنا، ونذهب إليه بدلاً من أن يأتي إلينا فيدمر علينا هذه البلدة.
قال سليمان عليه الصلاة والسلام: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: ٣٧]، أي: مهانون أذلة.


الصفحة التالية
Icon