تفسير قوله تعالى: (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون)
ثم قالت مستشيرة لهؤلاء الأقوام: ﴿يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ [النمل: ٣٢].
قَالَتْ: (يَا أَيُّهَا المَلَأُ)، ولم تقل: يا أيها الناس! فهي لم تخاطب الجميع، بل خاطبت القواد والوزراء، إذاً: فقد كان لها مجلس شورى مكون من أكابر القوم، وفي استشارتهم دليل على حلمها وعلمها وحكمتها.
فالإنسان الذي لا يستشير إنسان أحمق، وفيه غباء واندفاع وطيش، وهذا يرى أنه وحده الذي يفهم الأمر وغيره لا يستحق أن يفكر، ولا يستحق أن يؤخذ برأيه، أما الإنسان الحكيم فهو الذي يستشير.
ثم قالت: ﴿مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا﴾ [النمل: ٣٢]، يعني: لم أكن منفذة أمراً، ولا سأقضي في هذه القضية بشيء، ولا أفصل برأي من الآراء حتى تشهدوا مجلسي وتسمعوا مني وأسمع منكم، ثم نخرج برأي يتفق عليه الجميع.
وفي قوله تعالى عنها: (حتى تشهدون) قراءتان: قراءة الجمهور: (حتى تشهدون)، فإذا وصلوا فسيكون النون مكسوراً.
أما قراءة يعقوب فبالياء في آخرها: (حتى تشهدوني)، سواء وصل أم وقف.


الصفحة التالية
Icon