تفسير قوله تعالى: (وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون)
ثم قالت بعد ذلك: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ [النمل: ٣٥]، أي: سنختبر هذا الذي أرسل الرسالة، هل هو نبي من الأنبياء أم أنه ملك ملك من الملوك؟ فلو كان ملكاً فسيقبل الهدية، ونتعامل معه بناءً على ذلك، أما لو كان نبياً فلن يقبل هذه الهدية، وهذا الذي حدث.
ثم قالت: ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥] أي: بالذي سيرجع به المرسلون الذين سنبعثهم.
فإذاً: ستبعث هدية ليس مع واحد؛ لأنها تقول: (بم يرجع المرسلون)، وهنا لم تقل: الرسل، ولكن قالت: ﴿الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥]، فكأن العدد ضخم؛ ولذلك ذكرت جمع المذكر السالم هنا.
فإذاً: هي اختارت هدية عظيمة جداً، وأرسلتها لسليمان عليه السلام مع مجموعة كبيرة من الناس.
أما تفصيل ما في الهدية فلم يهتم القرآن بذلك، وما الذي أرسلته إليه، هل أرسلت إليه غلمان، أم أرسلت إليه وصائف، أم أرسلت إليه ذهباً وفضة؟ أياً كان ذلك فقد أغناه الله عز وجل وأعطاه فوق ذلك، ويكفي أنه نبي، فالنبي لا طمع له في الدنيا أصلاً.
فعلى ذلك لا يعنينا ما هي هذه الهدية التي أرسلتها إليه، ولكن من الواضح أنها هدية عظيمة.
ثم ذهبوا بهذه الهدية إلى سليمان عليه الصلاة والسلام، وهي قالت: ﴿فَنَاظِرَةٌ﴾ [النمل: ٣٥] يعني: سأنظر ما الذي سيعمل بها، وبناء على ذلك سنتعامل معه، فإن كان طماعاً فليس برسول، فسنتعامل معه بمنطق القوة، ونرسل إليه جنودنا الأقوياء.
لكن لو رد الهدية، فهذا يعني أنه رجل عظيم قوي، وأنه يحتقر هذه الهدية، فالغالب سيكون نبياً من الأنبياء، ولا طاقة لنا به.