تفسير قوله تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون)
قال الله تعالى: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً﴾ [النمل: ٥٢]، أي: فانظروا إلى بيوت هؤلاء الأقوام كيف حاق بها الدمار، ونزل بهم عذاب ربهم سبحانه، ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ﴾ [النمل: ٥٢]، وكما ذكرنا في هذه الكلمة وتكررت في مواطن كثيرة من القرآن أن فيها قراءتين: قراءة: (بُيوتُهم) وقراءة (بيِوتهم)، فقراءة (بُيُوتهم) يقرؤها ورش عن نافع ويقرؤها أبو جعفر ويقرؤها أبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم: ((فتلك بُيُوتهم)).
وباقي القراء يقرءونها بكسر الباء (بِيوتِهم)، وهذا يتكرر فيها وفي غيرها من أمثالها، كبيوت، وشيوخ، وعيون، وجيوب، وأشياء من هذا القبيل ففيها الوجهان: الضم والكسر، وإن كان لفظ جيوب ليس في القرآن.
يقول: ((فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا))، (خاوية) منصوبة على الحال، أي: حالها أن تلك البيوت صارت خاوية؛ بسبب ظلمهم.
ثم قال: ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ))، أي: كل من عنده فهم يفهم، وكل من يمر على الديار فيرى آثار ثمود، فقد كانوا موجودين بين الشام وبين الحجاز، فعلوا كذا وكذا فجاءهم العذاب وأهلك الأقوام وبقيت البيوت شاهدة على من كان فيها في زمن من الأزمان، فكل من يعلم ذلك ليس عليه أن يؤمن فقط، بل لابد أن يعقل ويتفكر، ويعلم وعنده عقل يتفكر، يعلم أن هنا كانت ديار ثمود فأهلكهم الله بكفرهم.
قال الله تعالى: ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [النمل: ٥٣] أي: أهلك الله الكافرين وأنجى المؤمنين الأتقياء، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه، فمهما تمكن الكفار أياماً وشهوراً ودهوراً فإنه في النهاية يمكن الله عز وجل للمؤمنين، حتى ولو كانوا مستضعفين، قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: ٥].
نسأل الله عز وجل أن يمكن للإسلام والمسلمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.