تفسير قوله تعالى: (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله)
قال الله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج: ٤] (كتب عليه) أي: على هذا الشيطان (أنه من تولاه) أي: من يتولى الشيطان من دون الله عز وجل، (فأنه يضله) أي: الشيطان يضل صاحبه، ﴿وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج: ٤] والسعير من أسماء النار والعياذ بالله، يقال: سعر النار، وسعر الحرب يسعَرهما ويسَعِرهما بمعنى: يوقد ويهيج، فكأن عذاب السعير النار الهائجة، النار المشتعلة التي هي في غاية الاشتعال، ومنه قوله: ﴿إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾ [القمر: ٢٤] السعر: الجنون، فالمجنون يطيش ويفعل أي شيء، فهذه النار نار مستعرة ملتهبة، فيها اشتعال واستعار شديد، ومنه السعار أي العطش، ومنه الحر الشديد، ومنه: الساعور أي الفرن، ويقال لمن يرمي بالرمح: رمي السعر بمعنى: رمي شديد إذا دخل في شيء خزقه، وأمات من دخل فيه، ويقال: فرس مسعر ومساعر بمعنى: ما يهدأ عندما يهيج.
هذه صورة النار وهي مشتعلة متوقدة متهيجة، والإنسان حين يرى هذه النار ويؤتى بها يوم القيامة ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢].
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.