تفسير قوله تعالى: (وقالت لأخته قصيه وهم لا يشعرون)
قوله: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾ [القصص: ١١] أي: أذهبي وابحثي ما الذي حصل له، يقال: قص الأثر أي: تتبع الأثر.
﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [القصص: ١١] أي: مشت وراء التابوت وعلمت أنه وصل إلى آل فرعون ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾ [القصص: ١١]، عن جنب أي: عن بعد من مكان بعيد، كأنها تتظاهر أنها مجانبة له وكأنها ذهبت مراراً تنظر ماذا حصل فوجدتهم يبحثون عمن يرضعه، فموسى كان يبكي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهم لا يعرفون كيف يصنعون معه، فكلما جاءت مرضعة لا يلتقم ثديها ولا يريدها، وظلوا يبحثون عن مرضعات.
قال تعالى: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ﴾ [القصص: ١٢]، إنه التحريم القدري وليس الشرعي، فقالت أخته بعد أن أظهرت نفسها كأنها عابرة سبيل: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢]، أي: أن من عادتهم النصح في كفالة الأطفال ويؤملون منكم أن تعطوهم مالاً مقابل هذا الشيء.
﴿قَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢]، وما قالت هل أدلكم على امرأة، وكأن تدبير ربنا سبحانه وتعالى أن يرجع موسى للبيت الذي كان فيه، لترضعه أمه ويكون في حضانتها.
قوله: ﴿أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ﴾ [القصص: ١٢]، أي: يقومون بأمره فيكفلونه لأجلكم ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢]، أي: ينصحون ويربون، وهم ناصحون لفرعون، فعلى ذلك تأمنون شرهم.


الصفحة التالية
Icon