تفسير قوله تعالى: (ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر)
قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ [القصص: ٤٥].
قوله: ((ولكنا أنشأنا قروناً)) أي: أوجدنا وخلقنا قروناً يأتيهم رسول يذكرهم، وبعد ذلك يتباعد الزمن بينهم وبين رسولهم فيتطاول عليهم العمر، فإذا بهم يرجعون إلى الكفر وإلى الضلال، فقال: ((فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ)) أي: طالت عليهم السنون فنسوا ربهم سبحانه وتعالى.
قوله: ((وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ)) أي: لم تكن مقيماً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا، يعني: قصة موسى عليه السلام مع صاحب مدين، لم تكن أنت معهم حتى تعرف كيف تزوج موسى، وكيف حدثت له هذه القصة التي هي من خصوصيات موسى، عرفها أهل الكتاب وأنتم لم تعرفوها إلا من عند الله سبحانه، حين أخبركم بها.
فقوله: ((وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا)) أي: مقيماً ((فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)) أي: تذكرهم بالوعد والوعيد، ﴿وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ أي: أرسلناك إلى هؤلاء كما أرسلنا موسى إلى قومه، وكما أرسلنا شعيباً إلى قومه وهكذا.


الصفحة التالية
Icon