تفسير قوله تعالى: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم)
قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٥٠].
أي: إن لم يستجيبوا للنبي ﷺ بأن يأتوا بكتاب يدل على شركهم ويعينهم على باطلهم: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٥٠]، كما قال الله عز وجل في سورة هود: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود: ١٤].
فالله عز وجل يخاطب المؤمنين ويقول: اعلموا أيها المؤمنون أن هؤلاء يتبعون أهواءهم، وأن هذا الكتاب العظيم قد جاء من عند رب العالمين: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود: ١٤] أي: مستسلمون لرب العالمين، مصدقون ربكم سبحانه وتعالى فيما جاء من عنده.
فقوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ﴾ [القصص: ٥٠] خطاب للنبي ﷺ وللمؤمنين تبعاً له، والمعنى: فإن لم يستجيبوا ويأتوا بدليل وبرهان من عند الله: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٥٠] أي: استيقن من ذلك.
وكان ﷺ يعلم يقيناً أنهم سيتبعون أهواءهم، فأخبره الله سبحانه وأخبر المؤمنين أن يعلموا ويستيقنوا أن هؤلاء أهل باطل، وإن جادلوكم بما يظهر منهم أنهم يبحثون عن الحق فهم كذابون؛ لأنهم يعرفون الحق الذي عليه النبي ﷺ وإنما يتبعون الهوى.
﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠] أي: من أضل من هذا؟
و ﷺ لا أحد أضل ممن يتبع هواه بغير هداية من الله، ويمشي وراء الهوى، فلن يصل هذا إلى طريق الخير وهو على هوى وعلى ضلال.
قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: ٥٠] بما كسبت أيديهم وبظلمهم استحقوا أن يضلهم الله سبحانه وتعالى.