عاقبة المكذبين للرسل
لقد فصل الله عز وجل في القرآن قصة نوح في مواطن، من أطولها ما جاء في سورة هود على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فذكر كيف أنه دعاهم فلم يستجيبوا له، فأغرقهم الله وأهلكهم.
وجاء كذلك تفصيل دعوة نوح لقومه في سورة نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وكيف دعاهم بالذي سبق من الآيات.
وفي سورة العنكبوت ذكر الله تعالى فيها إشارات الغرض منها: بيان أن قريشاً ليسوا أول من كذب، بل إن هناك أقواماً كذبوا من قبلهم، فأشار الله عز وجل إلى هؤلاء الأقوام المكذبين وأنه أهلكهم، ثم ذكر أقواماً آخرين كذبوا فأهلكهم الله، وهكذا.
كأنه يفصل شيئاً ثم يرجع في النهاية يفند هذا الشيء بعد أن يجمله.
قال الله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٠] فذكر في هذه الآية إشارات للأقوام المكذبين وجمعها على طريقة اللف والنشر، فذكر في النهاية كيفية إهلاكهم بقوله: منهم من أهلكناه بكذا ومنهم من أهلكناه بكذا، وفي هذا تخويف لقريش، وكأنه يقول لهم: احذروا أن يصيبكم مثلما أصاب هؤلاء الأقوام، فيرسل عليكم حاصباً، أو تأخذكم صيحة من السماء، أو يخسف بكم الأرض أو يغرقكم، أو يفعل بكم ما يشاء، والله على كل شيء قدير.