تفسير قوله تعالى: (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الحج: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥].
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم المسجد الحرام، وأنه جعله للناس سواء العاكف فيه والباد، فالناس يستوون في أمر المسجد الحرام، وليس أحد أحق من أحد بشيء فيه، فمن سبق إلى مكان فهو أحق به، سواء في المسجد الحرام أو في المناسك في الحج أو في العمرة، حتى ينتقل من هذا المكان، والكل سواء في تعظيم الحرمة وقضاء النسك، ويستوي في ذلك الحاضر الذي هو موجود، أو الباد وهو الذي يأتي من البادية أو القرى، أو يأتي من مكان بعيد إلى هذا البيت الحرام.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج: ٢٥]، خبر (إن) في هذه الآية مقدم وتقديره: لهم عذاب أليم، أو: إن الذين كفروا قد خسروا خسراناً مبيناً، ويلاحظ أن الله لم يذكر الخبر في هذه الآية هنا فقد قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الحج: ٢٥]، أي: جزاء الذي يفعل ذلك العذاب من الله عز وجل وهو معلوم، فاكتفى بذكر ذلك ولم يذكر الخبر؛ لأنه معلوم.