الغناء سبب في الضلال والإضلال
قال تعالى: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٦] وفي قراءة ((ليَضل عن سبيل الله)) أي: يتبع هذا الطريق ليكون حاله أنه في ضلال عن طريق الله سبحانه، فيضل نفسه ويضل غيره، وهذا معلوم مشاهد فيمن يتعاطى ذلك، والذي يتعامل بالموسيقى والغناء تجد ليله ونهاره ضائعاً، ففي الليل السهر والحفلات والمجون والمعازف والرقص وغيره، وفي النهار النوم والبعد عن الله سبحانه وتعالى، لا شيء يحبه إلا هواه وشهوته، فلا يزال على هذا الأمر حتى يبتعد عن طريق الله سبحانه، فيضل في نفسه ويضل غيره بهذا الذي يصنعه ويفعله.
ويتخذ آيات الله سبحانه وسبيله ﴿هُزُوًا﴾، قال الله سبحانه: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٦] أي: بشرائه لهذا اللهو، فكأنه اشترى الدنيا ودفع الثمن الآخرة والدين، فضيع صلاته، وضيع أمر ربه سبحانه وتعالى، فضل في نفسه وأضل غيره بذلك.
قال تعالى: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [لقمان: ٦] وإن زعم أنه على علم، ولكنه علم كلا علم، بل هو علم كجهل، فيتعلم أشياء بعيدة عن أمر الله سبحانه، بل هي مما نهى الله سبحانه وتعالى عنه، فعلى ذلك هو ليس على علم، وليس على هدى من الله، ولم يتعلم لا كتاباً ولا سنة، وإنما تعلم لهواً وباطلاً.
قال تعالى: ﴿وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا﴾ [لقمان: ٦]، الهاء هنا عائدة على سبيل الله عز وجل، والمعنى: ضل هو عن سبيل الله، وأضل غيره عن سبيل الله، واتخذ سبيل الله هزواً، وما تتبع إنسان سبيل الغناء والمعازف ونحوها إلا وكان بعيداً عن أمر الله، ونحن نرى أنه لا يذهب إلى التلفزيون والسينما وغيرها إلا أهل الفسوق والضياع، فيأتي عليه وقت الصلاة وهو ينظر إلى التلفزيون، ولا يؤدي صلاته، فيُضل غيره عن سبيل الله سبحانه وتعالى.
وإذا كان هذا الإنسان هو في هذا الضلال، فكيف بمن يُتفرج عليه من ممثلة وممثل، ومغنية ومغنٍ، وعازفة وعازف وغيرهم؟! وكيف تكون حياة هؤلاء؟ بل كيف يكون أكلهم وشربهم في معاصي الله سبحانه وتعالى؟ فطعامهم وشرابهم، وأرزاقهم التي يأخذونها من أجور على باطل يأتونه كلها حرام وإثم، فهؤلاء يَضلون ويُضلون، ويوجهون الناس إلى طريق النار والعياذ بالله، ويحسب أن عمله هذا فن، فيغني الشيء الذي يُعجب به الناس في شهواتهم، ويغني لهم عن الحب والضياع، ويغني لهم في لعن القضاء والقدر وسبه وسب الدهر، وغير ذلك، فيَضلون عن سبيل الله، ويُضلون عن سبيل الله، ولقد سمعنا التي تغني وتقول: قدر أحمق الخطى! وهذا القدر هو قدر الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤]، فبعض الشعراء يضل ويبتعد عن طريق الله، ويتكلم في أي شيء، حتى إنه ليذم قضاء الله وقدره سبحانه وتعالى، ولقد سمعنا من يقول: لا أسلم بالمكتوب، ولا أرضى أبيت مغلوباً، يعني: إنه لن يسلم بقدر الله سبحانه، ولن يرضى بقدر الله سبحانه، ثم يأتي المغني فيغني بذلك، فيسمع الناس ويطربون بذلك، وإذا بالناس في ضلال مبين، لا يفهمون كالبهائم، وإذا بهم يرددون هذا الشيء، فإذا أتى على أحدهم قضاء الله عز وجل، أو مصيبة من المصائب، فإذا به يقول: لن أسلم للأمر، والثاني يأتيه مرض من الأمراض ويقول: إنه سيقاوم هذا المرض وسيقضي عليه بالعزيمة والإرادة، وليس عارفاً أين قضاء الله عز وجل وقدره، فهو يريد أن يغلب ويهزم المرض، وقد كان أهل الجاهلية يريدون أن يغالبوا دين الله سبحانه وتعالى، فشن عليهم حسان رضي الله تعالى عنه وقال: زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغالب الغلاب فالله سبحانه وتعالى أخبر عن هؤلاء أهل الضلال أنهم يَضلون ويُضلون عن سبيل الله، وكانوا يقولون: الموسيقى فيها خير وشر، وقد نهى النبي ﷺ عن جمعيها، وانظر إلى الغنى كيف بدأ وإلى أي شيء صار؟! فما كان يقال فيما قبل: فلانة مغنية، وفلانة رقاصة، أو فلان مغن، وفلان رقاص، أما الآن فيقال: مغنية ورقاصة، وتراهم يجلسون مع بعض، ويصلون إلى الفجور والعهر، والبعد عن دين الله سبحانه وتعالى، تتعرى المرأة وتقول: لا يوجد عيب حتى أستره! فيضلون عن سبيل الله، ويُضلون عن سبيل الله، وهذا الذي أداهم إليه هو بعدهم عن دين الله، ومن يفتيهم بأن هذا حلال، أو بأن هذا جائز لا يوجد فيه شيء، أو أن الموسيقى فيها وفيها، وقد أخبر النبي ﷺ أن جميعها لهو، وأنها كلها ممنوعة، إلا ما كان من ضرب بالدف في العرس أو في العيد فقط.
وإننا لنرى من الناس اليوم من يتلهى عن أمر الله سبحانه، ويسمع الموسيقى والأغاني حتى تنسيه الهموم والأحزان، ولا يعلم أنها تنسيه الله سبحانه، فترى هذا يسمع عند مذاكرته، وهذا عند عمله، وهذا يزعج غيره، وإذا بالناس يفقد عندهم الدين والرحمة والأخلاق الحسنة، وترى الإنسان يشغل الأغاني ويزعج الجيران ولا يهمه نوم أحد أو مرضه، وقد يقف أمام المسجد وهو على هذا الأمر فلا يستحيي من الله، ولا يستحيي من أحد من الخلق.


الصفحة التالية
Icon