ما جاء في صلاح لقمان وحكمته
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان: ١٢].
يذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه قد آتى لقمان الحكمة، ولقمان رجل من الصالحين، جعله الله عز وجل حكيماً من الحكماء وعالماً من العلماء، ولم يجعله نبياً من الأنبياء، فقد كان لقمان عبداً من العبيد، والنبوة لا تكون إلا لإنسان حر.
فقد جعله الله عز وجل حكيماً، وآتاه الحكمة فينطق لسانه بها، وقد سميت السورة باسمه: سورة لقمان.
قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ [لقمان: ١٢] كان لقمان من أهل مصر من سودانهم، وكأن مصر والسودان كانتا شيئاً واحداً، فالجنوب من مصر هو السودان، فكانوا يقولون: هذا من سودان مصر، أي: من جنوبها.
يقول سعيد بن المسيب: كان لقمان أسود من سودان مصر، أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة، وعلى هذا جمهور أهل التأويل، أي: أنه كان ولياً من أولياء الله سبحانه وتعالى، حكيماً من الحكماء، ولم يكن نبياً من الأنبياء، والله يعطي فضله من يشاء، يجعل من يشاء نبياً ويجعل من يشاء ولياً، فيجعل من يشاء على ما يشاء تبارك وتعالى: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤]، فقد آتى لقمان الحكمة، فكان رجلاً حكيماً بحكمة الله تبارك وتعالى.
قالوا: كان يقضي في بني إسرائيل، إذاً: فهو في عصر بني إسرائيل، وكان يقضي بينهم بالحكمة التي أعطاه الله تبارك وتعالى.
ومعنى قضاؤه بينهم: أن يأتي إليه الناس يسألونه فيفصل ويقضي بينهم بحكمته، وبما أعطاه الله تبارك وتعالى من فقه ودين وعقل.
وكانت لـ لقمان الحكيم حكم عظيمة وكثيرة جداً، ذكر أهل التفسير بعضها، وذكر لنا ربنا تبارك وتعالى في هذه الآيات ما يدل على ذلك.


الصفحة التالية
Icon