تفسير قوله تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف)
قال تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] فجمع له الموعظة العظيمة في هذه الكلمات القليلة اليسيرة، قال: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ﴾ [لقمان: ١٧]، وهي أعظم أركان الدين، والصلاة صلة بين العبد وبين ربه سبحانه، وهي عبادة بدنية، ونور ينير بها الإنسان قلبه، وينير بها دنياه وقبره وطريقه إلى الجنة، فإذا قصر الإنسان وترك هذه الصلاة أظلمت عليه حياته، وأظلم عليه قبره، وأظلم عليه طريقه فوق الصراط، وظل وأخطأ طريقه إلى الجنة فسقط في النار والعياذ بالله.
قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة) أي: أقم صلاتك وعدلها وائت بها على الوجه المستقيم وعلى الوجه القويم الذي ترضي به ربك سبحانه وتعالى، وكما أمرك الله سبحانه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] فقم إلى الصلاة وأنت غاية في النشاط، ومحب لهذه الصلاة، ومقبل على الله، حتى يقبلها الله سبحانه وتعالى منك، فقد قال تعالى في العبد الذي يتقرب إليه عز وجل: (وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) فالإنسان الذي يمشي في طريق الله عز وجل وهو محب ومقبل على الله عز وجل فمستحيل أن يتركه الله سبحانه وتعالى وأن يبعده وقد دنا منه.
فالعبد يحب الله فيحبه الله سبحانه وتعالى، ويكون حبيباً لله، ويكون له سبحانه وتعالى كما قال: (كنت يده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه)، فهو ولي الله سبحانه وتعالى، قد أقبل على ربه وأحبه فأحبه الله.
والطاعات التي يتقرب بها إلى الله: أولها: توحيد الله سبحانه وتعالى وعدم الإشراك به.
ثانيها: هذا الركن العظيم من أركان الدين: وهو الصلاة.
ثالثها: فعل جميع الطاعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأمر بالمعروف يعني: بشرع الله سبحانه الذي بين أن هذا واجب، وهذا مستحب، وهذا حلال، وهذا مباح.
فلا تأمر إلا بما أمرك الله عز وجل به، وأمر بما ائتمرت به أنت، واللام هنا للجنس، واللام في الأولى أيضاً للجنس.