نعم الله عز وجل في السماوات والأرض
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة لقمان: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ * وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [لقمان: ٢٠ - ٢٢].
في هذه الآيات من سورة لقمان يخبر الله سبحانه وتعالى عباده عن قدرته العظيمة في خلق السماوات والأرض، وتسخيره لعباده ما في السموات وما في الأرض لنفعهم.
وهذه الآيات مرئية أمام الإنسان، ولذا يقول الله عز وجل لعباده: ﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ [لقمان: ٢٠]، أي: هلا تدبرتم ونظرتم في خلق السموات والأرض، وما سخر الله عز وجل لعباده فيها، فعرفتم كيف خلق الله سبحانه، وكيف منح وتفضل على خلقه بأن نفعهم بذلك.
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ﴾ [لقمان: ٢٠] أي: لنفعكم، فجعل الله سبحانه وتعالى هذه الأشياء مسيرة بقضائه وقدره وقدرته، وسخرها: سيرها كما يريد سبحانه وتعالى، فينتفع الخلق بما خلق سبحانه، وقوله: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [لقمان: ٢٠] أي: ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم وملائكة لمنفعة العباد، وأنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وأرسل الرياح على العباد فيها النسيم وفيها منافع للخلق، لو نظروا وتأملوا فيها لعرفوا بديع خلق الله سبحانه، وعرفوا رحمة الله بعباده.
وسخر لكم ما في الأرض من نعم الله سبحانه في الجبال، وفي الأشجار، والثمار، وفي البحار والمحيطات والأنهار، وغيرها من الأشياء التي خلقها الله في الأرض فيرى الإنسان كيف سخرها الله سبحانه وتعالى لينتفع العبد بها.
قال الله تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ﴾ [لقمان: ٢٠]، فنعم الله عظيمة، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم: ٣٤]، والله بالناس رءوف رحيم سبحانه، حيث أنعم عليهم بالنعم العظيمة والكثيرة الجليلة الوفيرة، ومع هذا فالعباد في بعد عن الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم: ٣٤]، أي: ظالم لنفسه، كنود جحود لنعم الله سبحانه وتعالى عليه، قال تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ [لقمان: ٢٠]، الإسباغ: الإكمال والإتمام والإحاطة بنعمة ربنا سبحانه وتعالى، فقد أحاطنا بنعمه العظيمة، ففي الليل والنهار نرى نعم الله عز وجل علينا وعلى أهلينا، وفي أرضنا وديارنا، في كل مكان نرى نعم الله سبحانه وتعالى، وفي كل شيء له آية ونعمة وفضل، فأسبغ، أي: أتم النعمة وأكملها بفضله سبحانه وتعالى.