تفسير قوله تعالى: (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن)
إن المؤمنين يسلمون وجوههم لرب العالمين، ولذلك مدحهم سبحانه فقال: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لقمان: ٢٢]، إن (المسلم) كلمة عظيمة سمانا بها ربنا سبحانه، فلا نرضى بغيرها بديلاً عنها، فنحن المسلمون، والمؤمنون، وعباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كونوا عباد الله كما سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله)، قال الله سبحانه: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: ٧٨]، فملة أبينا إبراهيم هي ملة الإسلام، والله سمانا المسلمين من قبل، ولم نسم أنفسنا، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ﴾ [لقمان: ٢٢] يدل على أن وجه الإنسان أشرق ما فيه، فإذا أسلم وجهه لله فباقي الأعضاء تبع له.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [لقمان: ٢٢]، قيد لمن يكون هذا حاله، وهو أن يحسن في العمل ويتقرب إلى الله كأنه يراه، كما قال النبي ﷺ في درجة الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فالذي يسلم وجهه إلى الله ويحسن في العمل ويخلص لله سبحانه، فيعبده كأنه يراه؛ فهو المستمسك بالعروة الوثقى، قال الله تعالى: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لقمان: ٢٢]، والعروة هي الحلقة التي تدق في الحائط ويشد عليها الحبل حتى تصل إلى الشيء المراد ربطه.
فهذه العروة الوثقى هي التي توصل الإنسان إلى طريق كلمة لا إله إلا الله، أو دين الإسلام العظيم، والعروة الوثقى في جنة رب العالمين سبحانه، ودين الإسلام حبل طرفه بيد المسلم، فعلى الإنسان أن يستمسك بالعروة الوثقى حتى يصل إلى جنة رب العالمين سبحانه، وقوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [لقمان: ٢٢] أي: مرجع الأمور.
نسأل الله سبحانه حسن المرجع والمآب والإخلاص والإحسان.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.