تفسير قوله تعالى: (أم يقولون افتراه)
قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [السجدة: ٣]؟ أم هنا يسمونها بأم الإضرابية المنقطعة، كأنه يقول: أضرب عن هذا، وأنتقل من حديث إلى حديث آخر.
فكأنه يقول: إن هذا القرآن نزل من عند رب العالمين، ثم قال: انتظر ننتقل إلى شيء آخر، بل أيقولون: أفترى هذا القرآن؟! فالله عز وجل يخبر عن هذا الكتاب أنه نزل من عنده، ثم بعد ذلك يقول: أهؤلاء الكفار يزعمون أنك افتريت هذا القرآن علينا؟! فأم هنا تقدر ببل وبهمزة الاستفهام بعدها، بل أيقولون افتراه؟ أي: اختلقه وألفه من عنده عليه الصلاة والسلام، وحاشا له.
قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ [السجدة: ٣].
فالقرآن كلام حق، وهو كلام رب العالمين نزل من عنده.
قال تعالى: (بل هو الحق من ربك ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [السجدة: ٣].
وتنذر: تعلن مخوفاً.
والنذير: المعلن الذي يأتي ليخبر ويهدد ويخوف.
وقد جاء النبي ﷺ بشيراً ونذيراً، مبشراً أهل التقوى وأهل الطاعة والإيمان بالجنة، ومنذراً ومخوفاً ومهدداً لأهل المعاصي والكفر والشرك بعذاب الله سبحانه.
قال تعالى: ﴿مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [السجدة: ٣].
فمن أيام المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام إلى النبي ﷺ حوالى ستمائة سنة لم يأت نذير في خلال هذه الفترة.
فاندرس دين إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ولم يعلم هؤلاء الكفار عنه شيئاً، فكانوا أهل فترة، فنزل القرآن ليهديهم إلى سبيل الله سبحانه.
قال تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [السجدة: ٣].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الصفحة التالية
Icon