أهمية الإيمان باليوم الآخر والغيب وثمراته
الله سبحانه وتعالى يذكر الخلق بيوم القيامة وبيوم الحساب، وأنهم سيرجعون إلى الله ليجازيهم على أعمالهم، فالمؤمن يخاف من الله سبحانه، وإن وجد لقطة إذا به يأخذها حتى يعيدها إلى صاحبها؛ لأنه أمين مؤتمن على ذلك، وهو يخاف من الله ليس من الناس، وفي قلبه ما يدفعه إلى فعل الخير، وفي قلبه من الخوف ما يمنعه من فعل الشر.
فالمؤمن يخاف من الله؛ لأن الخوف ثمرة من ثمرات الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالبعث، لذلك أصول الإيمان هي: إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وهذا الإيمان له ثمرات في قلب المؤمن تظهر في أفعاله، فالمؤمن آمن بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وعرف قدر الله سبحانه، وعرف أفعال الله العظيمة، وعرف ربه سبحانه، فإذا به يخاف من الله سبحانه، ويأخذ من الله عز وجل شريعته، ويمشي على منهاجه، فهذا يحبه الله سبحانه وتعالى.
إذاً: ثمرة معرفة الله سبحانه تبارك وتعالى تكون في قلب الإنسان خوفاً من الله مع حب لله سبحانه، ولا يجتمعان لأحد سواه سبحانه وتعالى، كمال الخوف من الله مع كمال الحب لله سبحانه وتعالى، يخافه ويخشاه ويحبه ويرجوه، هذا من معرفة الله سبحانه واليقين به، وثمرة من ثمرات ذلك.
كذلك يؤمن الإنسان باليوم الآخر، وأن هناك رجوعاً إلى الله سبحانه، فطالما هناك رجوع، وأن الله سيسأل: لماذا فعلت كذا؟ فلابد أن نعد لهذا السؤال جواباً من الآن فلا أخطئ، فلا أقع في الحرام، ولا آخذ حق غيري.
والإنسان المؤمن يعلم أنه واقف يوماً من الأيام بين يدي الله عز وجل، وهذا اليوم يوم طويل، ﴿يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: ٧] أي: كان شره عظيماً مستطيراً فظيعاً، ويوم القيامة قدره خمسون ألف سنة، لذلك المؤمن يتذكر الإيمان بالله سبحانه، والإيمان بملائكة الله، وكيف أن هذه الملائكة تحيط بالخلق يوم القيامة، ولا أحد يستطيع أن يهرب من الله عز وجل، أو أن يهرب من نار الله سبحانه، هناك ملائكة على نار جهنم يعذبون أهلها: ﴿عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦]، فيؤمن الإنسان بالملائكة ويخاف، وهذه الملائكة ستعذب الإنسان في نار جهنم، ولن يستطيع أن يدفع لها رشوة، أو أن يطلب منها شيئاً فتستجيب له؛ لأن الملائكة تفعل ما يأمرها الله سبحانه وتعالى.
والمؤمن يؤمن بالغيب: يؤمن بالجنة وبالنار، ويعرف ما في النار من عذاب، ويعرف قدر نار جهنم: (ناركم التي في الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم)، انظر أشد نار في هذه الدنيا، لو أوقد الإنسان أشد ما يكون من النيران، فهذه النار لا تساوي إلا جزءاً من سبعين جزءاً من نار جهنم، والعياذ بالله.
كيف تكون هذه النار في الآخرة التي وقودها الناس والحجارة؟! في الدنيا نطفئ النار بالحجارة، لكن إذا اشتعلت الحجارة فهي أشد ما يكون من النار، فتكون الحجارة وقوداً لنار جهنم وكذلك الناس.
فإذاً: الإنسان يؤمن بالغيب: يؤمن بالجنة وبالنار، فيطلب الجنة ويهرب من النار.
إن ثمرة الإيمان بالغيب: العمل الصالح في الدنيا والبعد من المعاصي، أما هؤلاء المشركون الذين ينكرون البعث فلا آمنوا ببعث ولا آمنوا بجنة ولا بنار، ولكن قالوا: ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤] أي: سنعيش ونموت وينتهي الأمر على ذلك، لذلك كانوا يفعلون ما يحلو لهم، فقال الله سبحانه: ((بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ)) أي: جاحدون بلقائه يوم القيامة، ومنكرون ومكذبون.
فكفر هؤلاء المشركون المنكرون للبعث، وهم لم ينكروا قدرة الله سبحانه؛ لأنهم يعرفون قدرة الله؛ ولذلك شهد الله عليهم بقولهم، فقال سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥]، فهم معترفون أن الله قادر وأن الله يخلق.
قال سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: ٩]، فهم يعرفون أن الله عزيز غالب عليم سبحانه، ويعرفون أنه قادر؛ لكنهم بلقاء ربهم كافرون، ويقولون: لا يوجد بعث، ويقولون: نعلم أن الله خلقنا لكن لن يحيينا مرة أخرى، فيكذبون بالبعث يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon