معنى قوله: (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون)
قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤].
والمظاهرة: هي أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي.
وهذه الكلمة كانت مشهورة عند العرب، وكان الرجل يتغيظ من امرأته ويريد أن يهجرها فيقول لها: أنت علي كظهر أمي.
والظهر يعبر به عن الركوب، وأصله ركوب الإنسان على ظهر الدابة، فعبر بهذا التعبير كناية عن جماع الإنسان لأهله، فكأن هذا الإنسان عندما يقول لامرأته: أنت علي كظهر أمي، كأنه يقول: كما لا يجوز لي أن آتي أمي كذلك لا يجوز لي أن آتيك، فيحرم ما أحل الله سبحانه وتعالى له، ويتكلم بالزور من القول.
فالله عز وجل لا يرضى أن تجعل هذه المرأة أمك، وهي ليست بأمك، ولا يحل لك أن تقول ذلك.
فحرم الله عز وجل الظهار في هذه الآية، وفي سورة المجادلة منع من ذلك أيضاً، قال تعالى: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾ [المجادلة: ٢]، أي: الذين يظاهرون من نسائهم.
وهذا منكر من القول، وهو أن يزعم الإنسان شيئاً على غير الحقيقة ويعلم أنه كاذب فيما يقول، فقال هنا: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤].
وهاتان الكلمتان فيهما قراءات للقراء: ﴿اللَّائِي تُظَاهِرُونَ﴾ [الأحزاب: ٤] يقرأ هذه القراءة عاصم وحده.
ويقرؤها نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب والبصريون: (تَظَّهَّرون).
ويقرؤها باقي الكوفيين (تَظَاهرون).
ويقرؤها ابن عامر: (تَظَّّّاهرون).
إذاً: هناك أربع قراءات في هذه الكلمة: (تَظَّهَرون)، (تَظَّاهرون)، (تُظَاهرون)، (تَظَاهرون).
كذلك كلمة (اللائي) فيها قراءات: فيقرؤها أهل مكة والمدينة والبصرة: (اللاي) إذا وقفوا عليها، أو إذا وصلوها فإنهم يقرءوها بالتسهيل أو بالهمز الذي فيها.
فبالترتيب يقرؤها قالون قنبل يعقوب: (واللاءِ تَظَّهَّرون) واللاء بالكسرة فيها والمد الذي في الوسط.
ويقرؤها ورش أبو جعفر بالتسهيل: (واللاي تَظَّهَّرون) بتسهيل الهمز فيها.
وإذا وقف عليها من يسهل فيها يقول: (واللاي).
وباقي القراء يقرءونها: (واللائي تَظّاهرون)، (واللائي تُظاهرون)، (واللائي تَظَاهرون).
وهناك قراءة أخرى وهي قراءة أبي عمرو وقراءة البزي: (واللاي تَظَّهَّرون).


الصفحة التالية
Icon