قضاء النبي دين من مات ولم يترك قضاء
أيضاً في قوله سبحانه: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٦] لما نزلت هذه الآية كان فيها فرج من الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، وكان قبل نزولها كلما جيء النبي ﷺ بجنازة يسأل، هل عليه دين؟ فإذا قالوا عليه دين، فيسأل هل ترك له وفاءً؟ فإذا قالوا: نعم، صلى عليه، وإذا قالوا: لا، لم يصل عليه، وقال: (صلوا على صاحبكم)، فلما نزلت هذه الآية: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦] وفتح الله عز وجل على النبي ﷺ فتوحاً، كان بعد ذلك يقول: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته).
وفي رواية: (فأيكم ترك ديناً أو ضياعاً فأنا مولاه).
فانظروا إلى شفقته عليه الصلاة والسلام، فكان من يموت بعد ذلك من أصحابه وعليه دين يتكرم ويسدد عنه هذا الدين.
فإذا توفي إنسان وترك مالاً، لم يأخذ منه ﷺ ليقضي دينه، ولكنه كان يترك المال للورثة، فالذي يموت ويترك ديناً أو ضياعاً، أي: عيالاً يضيعون، فإن النبي ﷺ ينفق عليهم، ويقضي دين هذا الميت عملاً بما في هذه الآية، ففيها بيان شفقة النبي ﷺ على الأمة، وأنه أولى بالمؤمنين من الأمة، فاستحق المنزلة العظيمة عند الله، واستحق أن يصلي عليه المؤمنون في كل وقت، صلوات الله وسلامه عليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.