معنى قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)
والنبي عليه الصلاة والسلام جعله الله عز وجل لنا أسوة حسنة، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] فالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام أولى بنا من أنفسنا، وكلمة (أولى) من الولي، والولي بمعنى القرب، تقول: فلان يليني، أي: قريب مني، أو جنبي أو بعدي.
فالنبي ﷺ أقرب إلى كل منا من نفسه، ورأيه لنا عليه الصلاة والسلام أفضل من آرائنا لأنفسنا، فيقول سبحانه: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦] فإذا اختار لنا شيئاً صلى الله عليه وسلم، نختار ما يختاره لنا صلوات الله وسلامه عليه سواء علمنا الحكمة من وراء ذلك أو لم نعلمها.
والذي شهد بذلك هو ربنا سبحانه الذي يعلم السر وأخفى، فهو سبحانه أعلم بخلقه، أعلم بالنبي ﷺ وأعلم بالمؤمنين، فجعل نبينا ﷺ أولى بنا من أنفسنا.
وننظر إلى رحمته بنا وشفقته علينا عليه الصلاة والسلام، كيف يكون يوم القيامة؟ وهو الذي قد نجا عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك يقف على جانب الصراط ويقول: (اللهم سلم سلم).
فهذا دعاؤه ﷺ للمؤمنين وهم يمرون على الصراط، فهو أولى بهم من أنفسهم عليه الصلاة والسلام.
لما ذبح كبشين في الأضحى، واحداً عن نفسه ﷺ وعن أهل بيته، والآخر عمن لم يضح من أمته، فرفع عن أمته الحرج عليه الصلاة والسلام فلا تلزمهم الأضحية، فقد ضحى عنهم صلى الله عليه وسلم، وصارت الأضحية سنة على المسلمين وليست فريضة، فقد كفاهم النبي ﷺ ورفع عنهم الحرج في ذلك، فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم صلوات الله وسلامه عليه.
والنبي ﷺ يدعو لنفسه ويدعو لأمته عليه الصلاة والسلام.
فما ترك من خير إلا ودل الأمة عليه، وما ترك من شر إلا وحذر الأمة منه عليه الصلاة والسلام، فبلغ رسالة الله سبحانه، ووضح وبين وذكر ووعظ الأمة، وقال لهم في النهاية: (ألا هل قد بلغت؟ فقالوا: نعم.
فقال: اللهم فاشهد).
فمدحه الله سبحانه بأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.


الصفحة التالية
Icon