معنى قوله: (من فوقكم ومن أسفل منكم)
قال الله عز وجل: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب: ١٠]، يعني: من شدة الرعب، ومن شدة الخوف.
فقوله تعالى: ﴿جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٠]، واضح أنه من مكان عال، وقوله: ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٠]، من مكان آخر منخفض.
فجاءوا من المشرق وجاءوا من المغرب وأحاطوا بالمسلمين وخانت اليهود من خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فصار الكفار حولهم من كل مكان، فزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر من الخوف ومن الرعب، خاصة أن الكفار كان عددهم ضخماً، فقد كانوا ثلاثة أمثال المسلمين.
قال الإمام مالك رحمه الله: أمر رسول الله ﷺ بالقتال من المدينة وذلك قوله تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب: ١٠]، قال مالك رحمه الله: ذلك يوم الخندق، جاءت قريش من هاهنا، واليهود من هاهنا، والنجدية من هاهنا، يعني: جاءوا من فوقكم، ومن ورائكم مكان مرتفع جاءت منه اليهود.
﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٠]، أي: جاءت قريش وغطفان ومن معهم من أسفل منكم.