تفسير قوله تعالى: (وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم إن يريدون إلا فراراً)
قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣] المنافقون مجموعات فطائفة منهم يقولون: يا أهل يثرب، أي: يا أهل المدينة ﴿لا مُقَامَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣]، وهذه قراءة حفص عن عاصم.
وقراءة الجمهور: ﴿لا مَقَامَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣]، أي: لا موضع إقامة لكم.
فهو مصدر أي: لا إقامة لكم في هذا المكان، ولا عيش لكم في هذا المكان، فإنكم ستضيعون وستهلكون، ففروا منه واتركوا النبي ﷺ عند جبل سلع خارج المدينة وارجعوا أنتم إلى المدينة.
وقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣].
هنا التظاهر بالحكمة، فهم يظهرون الشيء ويبطنون خلافه، فيقولون: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣] فنحن نريد أن نرجع من أجل أن ندافع عن المدينة وندافع عن أهلنا، وبيوتنا أسوارها قصيرة، ويسهل دخولها من الكفار وفيها النساء.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣] بيوتنا تقرأ بضم الباء، وتقرأ بالكسر، فهما قراءتان سبعيتان أو مشهورتان.
وقراءة الضم قرأها ورش عن نافع وقرأها أبو عمرو وحفص عن عاصم، وقرأها أبو جعفر، ويعقوب، وباقي القراء يقرءونها: ﴿إِنَّ بِيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣]، بكسر الباء.
قال الله عز وجل مكذباً لهم: ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾ [الأحزاب: ١٣] أي: أنهم كذابون فيما يقولون.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ [الأحزاب: ١٣] أي: حقيقة الأمر أنهم يريدون الفرار من مواجهة الكفار.


الصفحة التالية
Icon