ذكر نبذة من حياة أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها
من نساء النبي ﷺ السيدة: سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامرية، ونلاحظ أن السيدة خديجة كانت من بني أسد، وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس من بني عامر، وذكرنا في الحديث السابق أن نكاح النبي ﷺ للنساء من قبائل شتى مما يقوي رابطته بهذه القبائل، فكلهم ينتمون إلى النبي ﷺ بسبب ذلك، ويقوى دين الله سبحانه وتعالى، وهذه حكمة أخرى من الله عز وجل.
والسيدة خديجة ذكرنا أنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكل أولاد النبي ﷺ منها ما عدا واحداً، وهو إبراهيم بن النبي ﷺ من مارية القبطية المصرية.
يقول هنا الإمام القرطبي: (ومنهن السيدة سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامرية، أسلمت قديماً وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم) إسلامها كان قديماً وكانت متزوجة من ابن عم لها اسمه سكران بن عمر وأسلم أيضاً، وهاجروا جميعاً إلى الحبشة في الهجرة الثانية، فلما قدم زوجها مكة بعد الهجرة الثانية مات، وقيل: مات في الحبشة، فخطبها النبي ﷺ بعدما حلت من زوجها وتزوجها، ودخل بها في مكة.
أيضاً السيدة عائشة تزوجها النبي ﷺ في مكة، لكن لم يدخل بها في مكة، وإنما دخل بها بعد سنتين في المدينة صلوات الله وسلامه عليه.
هاجر النبي ﷺ بالسيدة سودة إلى المدينة، والسيدة سودة كانت أكبر نساء النبي ﷺ سناً، فلما كبرت في السن واستشعرت أن النبي ﷺ لا حاجة له فيها طلبت منه أن يبقيها، أي: لا يطلقها ولا يفارقها؛ لأنها لا تحتاج أن يكون لها زوج للنكاح ولا للوطء، فتنازلت عن يومها للسيدة عائشة رضي الله عنها، وقالت: أريد أن أكون زوجتك في الجنة، فكان الأمر على ما طلبت رضي الله تبارك وتعالى عنها، وأمسكها النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفيت بالمدينة رضي الله عنها في شوال سنة ٥٤هـ، أي: عمرت طويلاً رضي الله تبارك وتعالى عنها، فوفاتها بعد النبي ﷺ بأربع وأربعين سنة.
فهذه حكمة من الله عز وجل أن يتزوج النبي ﷺ مجموعة من النساء، فقد عاشت سودة رضي الله عنها حتى عام ٥٤هـ، يا ترى كم من حديث حدثت به حتى ماتت في سنة ٥٤هـ، وهي واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والباقيات من نساء النبي ﷺ كل واحدة منهن كم حديثاً حدثت، وكم حكماً من الأحكام الشرعية بلغته، فاستفاد المسلمون من تعليم نساء النبي ﷺ لهم.