منع النبي من الكتابة والقراءة قدراً
وحرم الله سبحانه وتعالى على نبينا ﷺ أشياء تنزيهاً له ﷺ وتطهيراً، وبياناً لهذا الإعجاز الذي في هذه الشريعة، ومن ذلك أنه منع الكتابة تحريماً قدرياً، فالنبي ﷺ لم يتعلم القراءة والكتابة.
ولا يشكل على ذلك أنه كتب مرة اسمه، فأي إنسان لا يكتب قد يكتب اسمه خاصة إذا رآه كثيراً، والنبي ﷺ كتب مرة واحدة، وكانت كأنها معجزة من الله عز وجل له، وذلك في الحديبية عندما عقد الصلح بين النبي ﷺ وبين المشركين، وكتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه الصحيفة، فلما كتب: (محمد رسول الله) قال سهيل بن عمرو للنبي صلى الله عليه وسلم: لو نعلم أنك رسول الله لاتبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فالنبي ﷺ قال لـ علي: (امح رسول الله واكتب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فرفض علي وقال: والله لا أمحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي ﷺ محاها بيده، وكتب اسمه في الصحيفة صلوات الله وسلامه عليه)، وهذه هي المرة الوحيدة، وأما غير ذلك فلم يكتب أبداً صلوات الله وسلامه عليه، ولا قرأ كتاباً، قال الله سبحانه: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٨].
فلو كان يقرأ ويكتب لقالوا: ذهب وتعلم من أهل الكتاب، وجاء يكتب لنا كلامهم، ويقول لنا: هذا القرآن من عند الله؛ فلذلك حفظه الله عز وجل، فلم يطلع على صحيفة قبل ذلك، ولم يقرأ التوراة، ولم يقرأ الإنجيل، ولم يقرأ أساطير الأولين، وكل الناس يعرفون ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه، فكانت معجزة له صلى الله عليه وسلم.