تفسير قوله تعالى (يزيد في الخلق ما يشاء)
قوله: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: ١] أي: يزيد زيادة عددية وزيادة كيفية في هذا الخلق، وفيما يعطيه من الوصف، فالله عز وجل يزيد في الخلق ما يشاء، فيفنى خلقاً خلقه سبحانه، ويخلق خلقاً آخر جديداً، ويخلق ما يشاء سبحانه وتعالى.
فعدد خلقه يزيد، فالبشر كانوا مليوناً ثم صاروا خمسة مليون ولا زالوا يزيدون وهكذا يزيد الجن والملائكة، والله يزيد ما يشاء في العدد وفي كيفية هذا الخلق، فيخلق خلقاً كالخلق الأول، ويخلق خلقاً آخر ليس كالذي خلقه من قبل، وإنما يخلقه بكيفية أخرى جديدة، فالله يفطر الأشياء ويبتدع ما يشاء سبحانه وتعالى.
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية يقول: ((يزيد في الخلق ما يشاء))، ويدخل فيها أي شيء يزيده الله سبحانه وتعالى في الخلق من طول في قامة الإنسان أو الحيوان أو غيره، ومن اعتدال في الصور، ومن تمام في الأعضاء، وقوة في البطش ويعطي الحصافة في العقل، ويعطي الصحة في البدن، ويعطي الجزالة في الرأي، ويعطي الجرأة في القلب، ويعطي السماحة في النفس، ويعطي بعداً عن الآفات، ويعطي ذلاقة في اللسان وفي التعبير وفي البيان والفصاحة، ويعطي اللباقة في تكلم الإنسان، ويعطي حسن الهيئة وحسن مزاولة الأمور وما أشبه ذلك، فيزيد ما يشاء سبحانه وتعالى لمن يشاء من خلقه، قال عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [فاطر: ١]، أي: يفعل ما يشاء سبحانه، ولا شيء يعجزه سبحانه.