تفسير قوله تعالى: (وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك)
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [فاطر: ٤]، أي: إذا دعوتهم إلى ربك فكذبوك فليس هذا بالشيء الجديد: ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [فاطر: ٤]، كقوم قوم نوح من قبل فقد كذبوا نبيهم نوحاً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٢٣ - ١٢٤].
وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١٤١ - ١٤٢].
وقال تعالى: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٦]، أي: فلست أول نبي يكذب، ولكن كذب قبلك أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام.
﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [فاطر: ٤]، أي: الأمور كلها راجعة إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، ليجازي العباد على ما صنعوا، والذي يرجعها هو الله سبحانه وتعالى، وفي الآية قراءتان: قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم جميعهم يقرءون: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [فاطر: ٤] وباقي القراء يقرءون: (وإلى الله تَرجِعُ الأمور).
فكل أمر يحدث راجع إلى الله ليسأل صاحبه، لم فعلت هذا؟ ليجازي بذلك كل عامل بما عمل.
فأي قول يقال وأي فعل يفعل، وكل تدبير يكون فهو إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، وكل شيء راجع إليه فإلى الله تصير الأمور، أي مصيرها إليه، والجزاء عليه سبحانه وتعالى.


الصفحة التالية
Icon