تفسير قوله تعالى: (ألا إنهم من إفكهم ليقولون)
قال الله تعالى: ﴿أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: ١٥١ - ١٥٢] أي: أنهم من شدة كذبهم يزعمون أن الله سبحانه صار له الولد حاشا لله عز وجل! ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: ٤٣] وهم يقيناً كاذبون فيما يقولون.
﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: ١٥٣] من قال لكم: إنه اختار واجتبى البنات له وميزهم على البنين، والبنون لكم، ولذلك كانوا في الجاهلية يقتلون البنات ويقولون: هن لله، ويأخذون البنين، فكان الرجل من العرب إذا بشر بالأنثى كما قال الله: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم ٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ﴾ [النحل: ٥٨ - ٥٩]، هذا حالهم عندما يبشر أحدهم ويخبر بالبنت، فإذا كنت تستبشع هذا لنفسك، فكيف تزعمه لله الذي خلقك سبحانه وتعالى؟! وكيف تقولون: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾؟ ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [الصافات: ١٥٤] أي: قياس هذا الذي تقولونه؟ ترضون لأنفسكم بالشيء الأعلى وتزعمون أن الأدنى لله سبحانه وتعالى، كيف تحكمون بذلك؟ قرأ الجمهور: ((أَصْطَفَى)) بهمزة قطع، وقرأ ورش بخلفه بهمزة وصل فيها إذا وصل، وكذلك قرأها أبو جعفر: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * اَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: ١٥٢ - ١٥٣]، هذه قراءة ورش بخلفه، فإذا بدأ بها قال: ﴿اصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾، والجمهور ومنهم ورش أيضاً يقرءون: ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾ [الصافات: ١٥٢ - ١٥٣]، فإذا بدءوا قالوا: ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ﴾.