تفسير قوله تعالى: (أفبعذابنا يستعجلون.)
قال تعالى: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الصافات: ١٧٦]، ماذا يستعجل هؤلاء الجهلة المغفلون؟! يستعجلون عذابنا فما الذي يكون في عذاب الله سبحانه؟! وكم يستعجلون ويدعون ويقول قائلهم الجاهل كما حكى الله عنه: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]! ويقول جاهلهم الآخر كما حكى الله عنه: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص: ١٦].
فيدعون ربهم بالعذاب على أنفسهم: وعدت بعذابنا فعجل لنا وهات العذاب الذي ذكرته الآن، فيقول الله عز وجل لهؤلاء المغفلين: ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الصافات: ١٧٦].
ثم قال: ﴿فَإِذَا نَزَلَ﴾ [الصافات: ١٧٧] هذا العذاب: ﴿بِسَاحَتِهِمْ﴾ [الصافات: ١٧٧]، بفنائهم وبدورهم، إذا نزل هذا العذاب عليهم: ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧].
وكانت عادة الله سبحانه أن ينزل العذاب وقت الإشراق ووقت الصباح، ولذا قال: ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ﴾ [الصافات: ١٧٧] أي: حين يأتي عليهم العذاب من رب العالمين، وأكد الله عز وجل لهم ذلك وكرر فقال: ﴿وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٨]، أي: استمر على ما أمرك الله إلى أن يأتي الأمر من عندنا لتقاتلهم.
ثم قال: ﴿وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ [الصافات: ١٧٩]، وكل هذا حتى يطمئن النبي ﷺ بنصر الله وبإنجاز الله وعده، فسوف يبصرون ما يأتيهم من عذابه سبحانه.