تفسير قوله تعالى: (لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء)
قال الله تعالى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ [الزمر: ٤]، هؤلاء الذين يزعمون أن الله اتخذ الملائكة بناتاً، واتخذ المسيح ولداً، ينزل الله آيات رداً عليهم، فقوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ﴾ [الزمر: ٤] أي: أن يجعل لنفسه ولداً، ومستحيل أن يتناسل كما يتناسل البشر، فالبشر لعجزهم ولضعفهم يحتاجون لبقاء نوعهم فكان البقاء بهذا التناسل.
أما الله سبحانه القوي العزيز لا يحتاج إلى أحد، فالإنسان يكون صغيراً ويصير شاباً قوياً مغروراً، ثم يصير شيخاً فانياً كبيراً، فيحتاج إلى من يكون بعده ويعينه، فإذا مات خلفه الذي بعده، ولكن الله الحي الذي لا يموت سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أحد، فهو الأزلي الأبدي سبحانه وتعالى.
فالإنسان لا يقيس الخالق على نفسه؛ لأن الإنسان مخلوق ضعيف، والله الخالق القوي لا يحتاج إلى شيء، ولو أراد الله أن يتخذ ولداً فمستحيل أن يكون هذا عن طريق التناسل أو عن طريق اتخاذ صاحبة، فإنه سبحانه ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٣ - ٤]، لم يخلف ولداً سبحانه وتعالى، ولم يكن له أب أتى به، حاشا له سبحانه وتعالى، ولم يتخذ: ﴿صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ [الجن: ٣]، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤]، أي: لا يكافئه أحد لا مخلوق إنسي ولا جني ولا ملكي ولا شيء يكافئه سبحانه وتعالى.
فلو أراد الله أن يصطفي ويقول: هذا ولد، ولا يكون ولداً على الحقيقة: (لاصْطَفَى) من خلقه ما يشاء سبحانه وتعالى، فقوله تعالى: (لاصْطَفَى)، أي: فلاناً منه بمنزلة الولاء، ولكن حاشا له سبحانه، لا يتخذ ولداً وليس له صاحبة سبحانه.
فالإنسان حين يسمع ذلك يقول: سبحان الله، لا يحتاج ربنا إلى شيء سبحانه، لا صاحبة ولا والد ولا ولد.
قال سبحانه: ﴿هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الزمر: ٤]، سبحانه وتعالى الذي لا شريك له، المستحق للعبادة وحده لا شريك له، القهار الذي قهر كل شيء وغلب كل شيء، وعلا على كل شيء، فله القهر وله العلو على كل شيء سبحانه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الصفحة التالية
Icon