تكوير الليل على النهار
قال الله: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٥] هذا إشارة إلى التكوير بمعنى اللف، والعربي يفهم من هذا أن الليل يجيء فوق النهار كما تكور الشيء، قال الله: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الأعراف: ٥٤] فكأنه غشاء هذا فوق هذا، مثل تكوير العمامة، فكأن الليل يأتي فوق النهار ويتكور عليه ويلفه فيخرج النهار، والنهار كذلك يلف عليه فيخرجه ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الأعراف: ٥٤] ينسلخ هذا من هذا عن طريق هذا الغشاء.
والنهار الذي يجلي الشمس يقولون: هو ذرات من الأتربة ونحوها في الغلاف الجوي تجعل أشعة الشمس التي تسقط عليها تنعكس وتظهر ضوء النهار، وإلا في خارج هذا الغلاف لا يرون شمساً ولا قمراً، بل يرون الكون مظلماً خارج هذه الكرة الأرضية وخارج الغلاف الجوي.
فالله عز وجل يجعل الأرض تقابل الشمس فيكون السطح المقابل للشمس نهاراً، قالوا: والأرض تدور حول نفسها فيكون السطح الآخر الذي كان مظلماً مواجهاً للشمس، ويكون هو الذي ينير، والأرض تدور حول نفسها خلال اليوم فيأتي الصباح ثم يأتي العشي ولا تزال هكذا، فالأرض تدور، والسطح المواجه للشمس يكون على هيئة نصف كرة منيراً، والسطح الغير مقابل للشمس في الناحية الأخرى يكون على هيئة نصف كرة مظلماً، فكأنه يتكور هذا فوق هذا، وهذا فوق هذا، كأنه غشاء فوقها، فإذا دارت الأرض جاء غشاء الظلمة في الناحية الأخرى وهكذا.
فالأرض الآن تتكور وتدور، والشمس والقمر كل منهما يجري إلى أجل مسمى، وكل شيء في هذا الكون يدور ويلف حول نفسه وحول غيره، ويدور الفلك كله دوران عجيب جداً! دوران عكس عقرب الساعة، كالمسلمين حين يطوفون حول الكعبة من الشمال إلى اليمين، فالكون كله يدور في هذا الاتجاه، وكأن كل شيء يتحرك في مكانه ساجداً لله سبحانه، ومطيعاً لله سبحانه، ومسبحاً بحمده سبحانه.