الفرق بين المشيئة الكونية والمشيئة الشرعية
قال سبحانه: ﴿وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧] أي: لا يحب سبحانه وتعالى الكفر، ولا يرضى من عباده أن يكفروا به.
فإذا كان لا يرضى منهم ذلك؛ فإنه يحاسبهم ويعاقبهم عليه.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده ذلك فلم أوجد الكفر في هذه الدنيا؟ يقول سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [التغابن: ٢].
فالله خبير بعباده وبصير بهم، لحكمة يعلمها سبحانه أوجد العباد في هذا الكون؛ ليكون منهم المؤمنون وليكون منهم الكافرون، وليس من حق العبد أن يعترض على ربه ويقول: لم خلقت الكفر؟ فالله أعلم وأحكم.
لكن بالإمكان أن نتلمس الحكم بعد التسليم، فمن ضمن الحكم: إظهار مقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأنه الرحمن العلي الحكيم القادر سبحانه وتعالى، وأنه المقدر لأمور عباده.
فالإنسان يعلم من صفات الله سبحانه أنه على كل شيء قدير، وأنه لو شاء لهدى الناس أجمعين، وأنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وأنه يحب منهم الإيمان، ويكره منهم الكفر والفسوق والعصيان.
فهو سبحانه يحب الإيمان ومع ذلك أوجد الكفر حتى يبتلى أهل الإيمان، ويظهر إيمانهم، هل هو إيمان بالله يدفعهم للعمل الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم هو إيمان باللسان فقط؟ فابتلى الله المؤمن بالكافر، وابتلى المطيع بالعاصي، وابتلى أهل السعادة بأهل الشقاوة.