تفسير قوله تعالى: (وأشرقت الأرض بنور ربها)
قال الله سبحانه: ﴿وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٦٩]، وأخبر الله سبحانه تبارك وتعالى في الآية الأخرى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفجر: ٢٢ - ٢٣]، وهذا في يوم القيامة، والمعنى: جاء ربك، وجاءت ملائكة الله سبحانه، كما قال تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨].
فإذا جاءت بعض آيات الله سبحانه مثل: خروج الدجال أو طلوع الشمس من مغربها، ففي هذه الحالة: ﴿لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]، فيبقى الإنسان منتظراً مجيء بعض آيات الله، أو ينتظر مجيء الملائكة، أو ينتظر مجيء أمر الله ومجيء الله سبحانه تبارك وتعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢].
جاء ربنا يوم القيامة كما يشاء سبحانه تبارك وتعالى يوم القيامة، فيقف الناس في هذا الموقف العظيم في عرصات القيامة ينتظرون فصل القضاء، وتنزل ملائكة كل سماء حيث يشاء الله سبحانه تبارك وتعالى، والناس في فزع وفي خوف، تحيط بهم الملائكة ويسأل الناس: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، وإنه آت، وجاء ربك سبحانه تبارك وتعالى، وقام العباد لفصل القضاء فيما بينهم، قال الله سبحانه: ﴿وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر: ٦٩] أي: جاء ربنا سبحانه تبارك وتعالى فأشرقت الأرض بنور ربها سبحانه تبارك وتعالى، والله هو نور السماوات والأرض، ومنور السماوات والأرض، (حجابه النور -سبحانه- لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
ولا يحتاج الناس إلى شمس ولا إلى قمر، فقد أشرقت الأرض وأضاءت بنور الله سبحانه تبارك وتعالى.
ووضعت صحف الأعمال، وإذا بها تتطاير، فمن آخذ بيمينه ومن آخذ بشماله، والكتاب أي: جنس كتب أعمال العباد، فكل إنسان يؤتى كتابه إما بيمينه وإما بشماله ومن وراء ظهره.