تفسير قوله تعالى: (وترى الملائكة حافين من حول العرش)
قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾ [الزمر: ٧٥] أي: في ذلك اليوم العظيم ترى الملائكة في الجنة تنظر إلى ربها سبحانه وتعالى وهناك لا يظلم أحد.
ولقد جاء في الحديث: (ولا تضامون) أي: حين تنظرون إلى ربكم سبحانه وتعالى في الجنة لا يوجد أحد سينضم ويزاحم الناس لكي يرى ربه، بل الأمر كما تنظر إلى القمر، فكل أهل الأرض ينظرون إلى القمر وهو في مكانه، وكذلك -ولله عز وجل المثل الأعلى- لا يزدحم أحد ليرى ربه، بل كل إنسان مكانه، يطلع عليهم ربهم اطلاعاً فينظرون إليه، فهذا أعظم ما يستمتع به أهل الجنة، أن ينظروا إلى وجه ربهم، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أكثر من ينظر إلى وجه ربه يوم القيامة سبحانه.
وقوله تعالى: (حافين) أي: محدقين محيطين حول عرش الرحمن سبحانه وتعالى، منعمين بذلك حيث أكرمهم الله بذلك سبحانه وتعالى.
قوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [الزمر: ٧٥].
أي: يتلذذون بعبادته وتسبيحه، وكذلك أهل الجنة يتلذذون بالتسبيح لربهم سبحانه، ففي الدنيا يسبح الإنسان ربه ليأخذ على ذلك الأجر، أما في الجنة فيسبح ربه ليستمتع كما يستمتع في الدنيا بالنفس، فعندما يذهب المرء إلى مكان فيه هواء طلق فيأخذ نفساًَ عميقاً، ويملأ صدره به، مستمتعاً بذلك الهواء، فكذلك تملأ صدرك تستمتع في الجنة بتسبيح الله سبحانه وتعالى.
وقوله: (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي: وبحمد ربهم، يسبحون وبتسبيحهم يحمدون ربهم سبحانه.
قوله تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [الزمر: ٧٥] أي: بين النبيين وبين أممهم، وبين الخلق فيما بينهم بالحق.
قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر: ٧٥]، فكان نعم الختام لهذه الآيات ولهذه السورة، ونعم ما يقوله أهل الجنة، ونعم ما يختم به الله عز وجل للمؤمنين من الصالحات: الحمد لله رب العالمين، فبدأ خلقه بالحمد فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١].
وأنهى الأمر بالحمد فقال: ﴿وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر: ٧٥] فيستحب للإنسان أن يبدأ عمله بحمد الله وأن ينهيه بحمد الله، فالحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.