المفاسد المترتبة على تحكيم غير شرع الله سبحانه
إن حكم الله عز وجل هو الشريعة والمنهاج الذي لا يظلم أحداً أبداً، يقولون: نريد أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، لا نريد الدين، دعه وراء ظهرك، فالديمقراطية معناها: حكم الشعب نفسه بنفسه، بينما الدين يقول: الحكم إلى الخالق سبحانه وتعالى، هذا دين الله عز وجل: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠]، وهم يقولون: لا نريد الدين، ويقولون: لماذا الله سبحانه وتعالى هو الذي يشرع لنا هذا الدين؟ ويقولون: العبادة دعها لله والدنيا دعها للناس، ما لله لله وما لقيصر لقيصر، أي: لا يتدخل أمر الله في أمر البشر.
ونقول لهم: يقول الله: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]، أي: هو الذي خلقكم، فهو أعلم بنفوسكم وبطبائعكم، وهو الذي يشرع لكم حتى لا يظلم بعضكم بعضاً، يقولون: لا نريد هذا الشيء، نريد أن نكون نحن الذين نحكم أنفسنا بما نريد، فيحكمون بما يريدون، ويضعون القوانين، ومن ثم القوي يقول: لا يطبق علي هذا القانون، وإنما يطبق عليكم وإن خربت الدنيا كلها، فمثلاً: يقولون: إن ثقب الأوزون الذي في السماء يتخرم بسبب الآلات الكثيرة الموجودة في البلاد، وبسبب العلوم الحديثة والاختراعات الكثيرة والطاقة المستهلكة الكبيرة، والأوزون هو الذي يحمي الكرة الأرضية من أشعة الشمس ومن الإشعاعات الكونية الآتية من الخارج، فيقولون للدول: قللوا من استهلاك الطاقة، وكلكم يوقع على ذلك، أما أمريكا، فيقولون: لا تدخل في هذا الشيء، وكلكم عبيد لها، وهي وحدها التي تحكم.
هذه هي الديمقراطية التي تريدها، القوي يحكم الدنيا كلها، والضعيف ليس له شيء، إلا أن يقول: سمعنا وأطعنا، هذا حكم العبد للعبد، وحكم الإنسان للإنسان أن القوي يشرع وتعمل أنت بالذي يقوله، ويقولون: نحن نملك أسلحة نووية وأسلحة ذرية، وأنتم لا؛ لأنكم أقل في العقول من أن تملكوا، هذه الأسلحة، بل أنتم مثل الطفل الصغير الذي يمسك النار ويحرق به نفسه، لكن نحن كبار، نأخذ النار ونعرف ماذا نعمل بها.
لو فكرت دولة من هذه الدول المستضعفة أن تصنع شيئاً لقالوا: لا، القانون يمنعكم من هذا الشيء، فإن أبيتم الامتناع غزوناكم في دياركم من أجل أن نمنعكم من أن تصنعوا هذا الشيء الممنوع عليكم؛ لأنكم ستكونون الند لنا، وستخوفوننا في يوم من الأيام، إذاً لا تفعلوا شيئاً من ذلك، بل نحن فقط الذين نعمل؛ لأننا بلغنا سن الرشد! والمساواة عندهم أن تلغي الدين وأن تجعله وراء عقلك، والمساواة التي ينادون بها هي أن تساوي بين الرجال والنساء، فلا يوجد عندهم فرق بين الرجل والمرأة، فالرجل عندما يطلق المرأة عليه أن يعطيها نصف ما يملكه، هذه شريعتهم الكفرية التي يريدون أن يحكموا بها الدنيا كلها، يريدون أن يحكموا الناس بحديد ونار، يضعون الأغلال في أعناقهم ويقولون: اعملوا ما نقوله لكم وإلا خربنا عليكم بيوتكم.
هذا الذي يريدونه من المساواة المثلية، أن يكون الرجل مثل المرأة، فما المانع عندهم أن يتزوج الرجل الرجل والمرأة المرأة، هم يريدون السحاق بين النساء، ويريدون الشذوذ بين الرجال، ويسنون القوانين بذلك، ففي إيران يعدمون رجلين لوطيين وقعا في اللواط فأقاموا عليهما شرع الله عز وجل بالإعدام، فإذا بالمظاهرات في بلاد الكفر تستنكر إقامة الحدود الشرعية، ويصورون امرأة في مجلة خنقت نفسها ومنظرها منظر قبيح شنيع استنكاراً على المسلمين أن يقيموا شرع الله في أن يقتلوا اللوطي، هذه هي الحرية التي يريدونها، حرية إباحة الفاحشة، إباحة الزنا والدعارة واللواط والجنس في بلاد المسلمين، عرفوا أن بلاد المسلمين محفوظة بهذا الدين، فأرادوا أن يخربوا العقول بإدخال المخدرات إليها، فإذا ظهر في أفغانستان من يمنع ذلك كطالبان فإنها منعت زراعة المخدرات، فماذا فعل الغرب وعلى رأسهم أمريكا؟ لقد قاموا بضرب أفغانستان من أجل أن تستمر زراعة المخدرات وتخرج من هنالك.
كذلك البترول الموجود هنالك سيطروا عليه، ولما كان في العراق مخزون البترول الذي سينفعهم في يوم من الأيام حين ينفد بترولهم، قاموا بغزوهم العراق حتى يأخذوا بترول العراق، وتؤخذ أرض العراق، وهكذا في كل بلاد المسلمين، والدعوى التي يتشدقون بها هي نشر الديمقراطية، ونشر الحرية، وإزالة الناس الذين يحكمون بلاد المسلمين؛ لأن هؤلاء الحكام لا توجد عندهم حرية، وفيهم ديكتاتورية وفيهم كذا وكذا، وما هو الذي يريدون أن يأتوا به إلى بلاد المسلمين؟ أمركة جميع بلاد المسلمين، حتى تصير هذه البلاد تابعة لهؤلاء في كل شيء، وأول الأشياء هو إلغاء دين الله سبحانه وتعالى.
ألم تسمعوا لهم كيف تبجحوا وقالوا: نريد إخراج مصحف للمسلمين محذوفة منه آيات الجهاد! إنه لما ضعف المسلمون سكتوا لهؤلاء وجعلوهم يتحكمون فيهم بما يشاءون، وتركوهم يشرعون لهم ما يريدون، حتى إنهم يتدخلون في مناهج التدريس في بلاد المسلمين: درسوا كذا ولا تدرسوا كذا، وإذا ذهب المسلمون إلى بلادهم ليتعلموا علموهم فقط الأشياء التي سينتفعون من ورائها من المسلمين، أما أن المسلم يصل لدرجة عالية ويكون خادماً لبلاده فلا، بل يؤخذ لبلادهم هم، ويخدمهم هم، ولا يخدم بلاده إذا كان عالماً في الذرة، إذا كان عالماً في علوم عالية تصلح لها البلاد، هذا يستقطبونه ويأخذونه إليهم ولا يتركونه في بلاد المسلمين.