تفسير قوله تعالى: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين)
قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٣]، أصل النطفة: النقطة من الماء، وكأنها النخبة المنتقاة من الإنسان تجتمع من نطفة الرجل ونطفة المرأة، كما قال الله: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ [الإنسان: ٢] أي: مختلطة فيها صفات الرجل، وصفات المرأة، فالبويضة يلقحها الحيوان المنوي، ويجعلها الله عز وجل بعد هذه النطفة علقة، وقوله: ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٣]، القرار المكين: هو رحم المرأة، فهو متمكن في مكانه، حفظ الله عز وجل هذا الإنسان في هذا الطور داخل هذا الرحم الذي ثبته في بطن المرأة، وجعل حوض المرأة من عظام يحميه عن اليمين وعن الشمال، ومن أمامه ومن خلفه، وجعل هيئته فيها حماية له، وملأ هذا الكيس الذي يحاط بالجنين بماء بحيث يحميه من أي اضطرابات وصدمات، فكأنه يسبح داخل كيس من ماء، وهذا من فضل الله عز وجل ورحمته سبحانه! فالذي ينظر لمراحل التخليق في بطن المرأة يعلم قدرة الله عز وجل، وكيف حفظ الله هذا الجنين في هذه الأطوار.