تفسير قوله تعالى: (فأهلكنا أشد منهم بطشا)
قال تعالى: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٨] أي: أشد من هؤلاء الموجودين وهم أبو جهل وأتباعه، وأعوانه، فالسابقون من قوم نوح، وقوم عاد، وثمود كانوا أطول أعماراً وأعظم أجساماً، وأكثر أموالاً، وأشد قوة فأهلكناهم، وكذلك نفعل بهؤلاء.
والبطش: الإمساك بالشيء والمغالبة عليه، فهؤلاء غالبوا وأرادوا أن يبطشوا بالرسل ويقتلوهم لكن الله، عز وجل أهلكهم.
قال تعالى: ﴿وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٨] أي: مضى سلفاً في كتاب الله سبحانه أن ضرب لك الأمثال عن هؤلاء السابقين، وأخبرك عن قوم عاد وثمود، وقوم لوط وعن أصحاب الأيكة وعن قوم إبراهيم، وعن قوم فرعون.
فقد مضت أخبار وقصص هؤلاء السابقين في كتاب الله عز وجل وقد علمت ما حاق بهم، وما نزل بهم من عند الله سبحانه وتعالى.
والمثل أيضاً: العقوبة والعذاب فالمعنى: مضى ما أخبرناك من تعذيب هؤلاء قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٠].
والفائدة من ذكر الأولين العبرة قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾ [النازعات: ٢٦] أي: إن في ذلك لموعظة وذكرى للمؤمنين.
وقال: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٢] أي: اعتبروا وقيسوا أنفسكم على هؤلاء، فهؤلاء بغوا في الأرض وعلوا، وطغوا على رسل الله واستكبروا، فكانت النتيجة أن أهلكهم الله ومضى مثل الأولين.
فإذا جاء هؤلاء وصنعوا صنيعهم كانت النتيجة إهلاكهم وإدخالهم النار.
وكذلك إن كنتم من المؤمنين المصدقين؛ فنتيجة سلوك طريق الإيمان الجنة.
ثم يعجب النبي ﷺ من هؤلاء الذين لا يعقلون، ولا يتفكرون ويهرفون بما لا يعرفون، ويقولون ما لا يفهمون، ويجادلون النبي ﷺ فيقولون: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥] أي: نعجب لأمره سيجعل كل الآلهة من اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وغيرها إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب.