تفسير قوله تعالى: (أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين على آثارهم مهتدون)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الزخرف: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ١٦ - ٢٢].
يذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات وما قبلها أمر الكفار، وكيف أنهم جعلوا وسموا لله عز وجل من عباده جزءا، فقالوا: لنا البنون، وله البنات.
وادعوا أن الملائكة بنات الله، وافتروا عليه الكذب، وليس معهم أثارة من علم، على ما يدعونه، فوبخهم جل في علاه وحاشا له أن يتخذ الصاحبة أو الولد.
قال: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾ [الزخرف: ١٥] أي: جحود لنعم الله عز وجل عليه، فإذا تكلم عن ربه، تكلم بالكذب والافتراء مثل الذي يخرج من هؤلاء الكفار.


الصفحة التالية
Icon