تفسير قوله تعالى: (أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون)
قال الله سبحانه: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الزخرف: ٢١] بل، أي: هل أتيناهم كتاباً من قبله، ﴿فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ [الزخرف: ٢١] أي: هل عندهم أثارة من علم، فليخرجوا هذا الكتاب الذي عندهم، الذي يدعون أنهم يشرعون لأنفسهم بناء عليه، إنهم، ليس لديهم كتاب، ولا متمسكين بشيء، ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢ - ٢٣] أي: قالوا: سنتبع الآباء ونسير على هديهم؛ لأنهم أفضل منا.
والدين الإسلامي العظيم يقول للإنسان، اعمل عقلك الذي خلقه الله عز وجل فيك، وانظر فيما ينفعك وما يضرك، فهل هذا الصنم الذي عبدته وإن كان كل آبائك قد عبدوه، هل ينفعك أو يضرك، فإذا قال: لا ينفعني ولا يضرني، قيل له: إذاً لماذا تعبده؟ فيقول: من أجل أنه يقربني إلى الله عز وجل، فقيل له: إن الله سبحانه يقول لك: لا تعبده، لا تشرك بي، فلماذا تصنع ذلك؟ فيقول: لأن أبي كان كذلك.
ولذلك ذكر الله عز وجل قصة إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦] لماذا ذكر هذه القصة؟ لهذا السبب؛ لأنهم يقولون وجدنا آباءنا إذاً: أعظم آبائهم إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وإسماعيل الذي يفتخرون به، ويحجون البيت كل عام، ويقولون: ملة أبينا إبراهيم، فلماذا اتبعتم آباءكم الأقربين، وتركتم من تتشرفون به الذي وحد الله سبحانه، ولم يشرك به شيئاً.
فأبوكم إبراهيم الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، تبرأ من هذه الآلهة والأنداد إلا الله سبحانه وتعالى.