تفسير قوله تعالى: (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)
قال تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٨] اختلف هنا في الجاعل هل هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ فيكون المعنى: أنه سنها لذريته من بعده.
أم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي جعلها ماضية في ذرية إبراهيم عليه السلام.
والصواب أن يقال: إنما قالها إبراهيم عليه السلام مرة ثم جعلها الله عز وجل في عقبه ومن خلفه بعد ذلك إكراماً لإبراهيم عليه السلام، فأدام الله بذلك دينه.
قال تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً﴾ [الزخرف: ٢٨] هذه الكلمة هي كلمة التوحيد، والبراءة من الشرك بالله سبحانه.
فكل إنسان مؤمن يوحد الله سبحانه، لا بد أن يتبرأ من الشرك والكفر؛ ولذلك يقول الله سبحانه: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا﴾ [البقرة: ٢٥٦].
ولا يصح أن يكون الإنسان مؤمناً بالله وبغير الله بل لا بد أن يكفر بالطاغوت وكل ما عبد من دون الله سبحانه، ويكفر بالأصنام، وبعبادة البشر، والملائكة، والجن، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا﴾ [البقرة: ٢٥٦] هو معنى قول لا إله إلا الله، ومعنى قوله سبحانه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩].
قال تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٨] العقب: النسل والذرية.
قال سبحانه: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٨] أي: لعل الناس يرجعون إلى ما قاله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو لا إله إلا الله، ويرجعون إلى الله تائبين إليه، ويرجعون إلى دين الإسلام فيعبدون الله ولا يشركون به شيئاً.