مقدمة بين يدي سورة الدخان
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الدخان: ﴿حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ﴾ [الدخان: ١ - ٨].
هذه هي السورة الرابعة والأربعون من كتاب الله عز وجل وهي سورة الدخان، وهي من السور المكية، وإحدى الحواميم السبع التي تبدأ بغافر وتنتهي بسورة الأحقاف، وترتيب نزول هذه السور على ترتيب وجودها في القرآن العظيم: سورة غافر، ثم سورة فصلت، ثم سورة الشورى، ثم سورة الزخرف، ثم سورة الجاثية، ثم سورة الدخان، ثم سورة الأحقاف.
وهذه السور مكية تميزت بأن الله عز وجل افتتح جميعها بهذين الحرفين: الحاء والميم، وهذه السورة فيها خصائص السور المكية، والعهد المكي كان عهد إقرار العقيدة في قلوب الناس، وتعليمهم توحيد الله سبحانه، وتذكيرهم بالجنة والنار، وإخبارهم بما حل بالأمم السابقة وما صنع الله عز وجل بهم، كما عرف الله سبحانه الناس في هذا العهد بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
هذه السورة آياتها تسع وخمسون آية على خلاف بين العلماء، فالبعض عدها ستاً وخمسين آية، وهم الحجازيون والشاميون، والبعض عدها سبعاً وخمسين آية وهم البصريون، والبعض عدها تسعة وخمسين آية وهم الكوفيون، والخلاف كما ذكرنا قبل ذلك ليس في كلمات كتاب الله عز وجل، وإنما في موضع الوقف الذي بعد رأس الآية، فمن وقف على ﴿حم﴾ [الدخان: ١] عدها آية، ومن لم يقف عليها عدها وما بعدها آية، وعلى ذلك فالخلاف في كلمة ﴿حم﴾ [الدخان: ١]، فالبعض يعدونها آية ويقفون عندها ثم الآية التي تليها ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [الدخان: ٢]، وهؤلاء هم الكوفيون والبعض وهم باقي القراء يعدون ﴿حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [الدخان: ١ - ٢] آية واحدة.
وكذلك قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٤]، فالبعض وقف عند ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ﴾ [الدخان: ٤٣] وعدها آية، و ﴿طَعَامُ الأَثِيمِ﴾ [الدخان: ٤٤] عدها آية أخرى، والبعض وصل ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٤] وعدها آية واحدة.
والبعض وقف عند آية ﴿كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾ [الدخان: ٤٥] وعدها آية، ﴿كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٦] وعدها آية أخرى، والبعض وصل ﴿كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ [الدخان: ٤٥ - ٤٦].


الصفحة التالية
Icon