تفسير قوله تعالى: (رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين)
قال الله تعالى: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧].
قراءة الكوفيين ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الدخان: ٧] بالكسر على أنه بدل مما قبله، أي: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [الدخان: ٦] وربك هذا ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الدخان: ٧] فيكون بدلاً من ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [الدخان: ٦]، وقراءة الجمهور: المدنيين والحجازيين والبصريين: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الدخان: ٧]، برفع رب، أي: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الدخان: ٦] ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧].
والرب هو الخالق سبحانه، وهذا لم يشك فيه الكفار فهم مقرون أن الله هو خالق السماوات والأرض، وإنما كان شكهم وإعراضهم عن توحيده في العبادة والألوهية، ولذلك قال: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، فما اختلفوا فيه؛ لأنه هو الرب وهذه صفته سبحانه، وهو الفعال لما يريد، وأما الألوهية والعبادة فقد عبدوا من دونه آلهة كثيرة.
وقوله: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الدخان: ٧] أي أنه الخالق والمالك لما في السماوات والأرض وما بينهما.
وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧] في الحال أو في الاستقبال، والمعنى: إن كنتم تريدون أن توقنوا فتعلموا من كتاب الله عز وجل ما يدفعكم إلى اليقين وما يمنع عنكم الشك، أو إن كنتم موقنين أنه الرب فاعبدوه، وإن علمتم أن الله هو الذي يملك ويخلق ويرزق فكيف تعبدون ما لا ينفعكم ولا يضركم؟ وهذا مثل أن يقول الإنسان لآخر: يا فلان! أعطني، وهو يعلم أنه لا يعطي، فإذا كان الإنسان موقناً أن الله هو الرب فليعبده وليسأله وحده.