تفسير قوله تعالى: (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون)
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ [الدخان: ١٧] أي: قبل هؤلاء المشركين الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا عنه: ساحر، وزعموا وافتروا عليه أنه يعلمه بشر، فقد كُذِّب الرسل الأولون قبل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: ((وَلَقَدْ فَتَنَّا)) أي: ابتلينا وامتحنا واختبرنا السابقين بما أرسلنا إليهم من رسل، وأنزلنا من كتب، وامتحناهم بالأوامر والنواهي.
((وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ))، والفتنة: هي الابتلاء والامتحان من الله عز وجل، فقد أعطى الله فرعون الملك، ثم أرسل إليه موسى عليه الصلاة والسلام ليدعوه إلى الله سبحانه، فتكبر فرعون حتى إنه جعل الناس يعبدونه من دون الله، وزعم أنه إله وأنه هو ابن الآلهة، حتى قال للناس في النهاية: أنا ربكم الأعلى، فكأنه كان أمام الناس يعلي نفسه شيئاً فشيئاً إلى أن جعل نفسه إلهاً ورباً، فعبده الناس من دون الله، وأنكر الرب سبحانه وتعالى، وقال: أنا هذا الرب ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الزخرف: ٥٤] ففتنه الله عز وجل بالملك، وفتن قومه بما آتاهم من مال ورئاسة وغيرها، وابتلاهم بأن أرسل إليهم موسى عليه الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon