تفسير قوله تعالى: (خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم)
قال الله: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٤٧]، ((فَاعْتِلُوهُ)) بكسر التاء قراءة أبي عمرو والكوفيين وأبي جعفر، وقرأ باقي القراء بالضم: (فاعتُلوه).
والعتل هو الدفع بقوة، يقال: عتلت الشيء إذا أمسكت بتلابيبه، وكأن المعنى: خذوه وارموه في نار جهنم، فزبانية النار لا يقولون له: تفضل ادخل إلى جهنم، ولكن يرمى إليها رمياً، قال الله: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣]، فيساقون ويدفعون في أقفائهم حتى يدخلوا النار والعياذ بالله.
فيقال: خذوا أبا جهل اللعين ومن كان مثله من الكفار، فاعتلوهم واحداً واحداً وليس جميعاً، بل واحداً واحداً حتى يذوقوا العذاب، فيلقى في نار جهنم ولا يجد له ملجئاً يهرب إليه.
قال: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٤٧] أي: يرمونه حتى ينزل في وسط جهنم والعياذ بالله، فكم تكون قوة هذه الدفعة؟! يحمل الكفار من خارج النار، ويلقى في نار جهنم حتى يصل إلى وسط النار فيرتطم بقعر جهنم والعياذ بالله! وليس هناك موت يريح هذا الإنسان، وعندما يسقط إنسان من الدور العاشر أو من الدور العشرين أحياناً يموت قبل أن يصل إلى الأرض؛ من شدة الرعب، فعندما ينزل إلى الأرض لا يشعر بشيء، لكن في نار جهنم لا يوجد موت، لا يموتون فيها فيستريحون ولا يحيون فيها حياة كريمة، وإنما يحس دائماً بقدر العذاب في النار والعياذ بالله.