تفسير قوله تعالى: (كذلك وزوجناهم بحور عين)
قال: ﴿كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان: ٥٤] (كذلك) أي هذا الذي ذكرناه لكم لكل إنسان مؤمن مثله، وأيضاً نزوجهم بالحور العين، والحوراء المرأة الجميلة التي خلقها الله عز وجل للجنة، فما نزلت إلى الدنيا ولا تدنست بها، وقد خلقها الله في الجنة وجعلها لأهل الجنة ينعمون بها، والعين المرأة العيناء الواسعة العين، يقال: هذا الرجل أعين، يعني: عينه واسعة، وهذه المرأة عيناء، أي: واسعة العين، والجمع عين، فيذكر الله فيهن صفتين: صفة الحور وصفة العين، فهن واسعات الأعين، وهن حوراوات، بمعنى: أن العين غاية في الجمال، فبياضها شديد البياض، وسوادها شديد السواد، والإنسان في الدنيا كلما يتقادم في السن وترهق عيناه بالقراءة والكتابة، وبالعمل؛ عينه تحمر ولون العين يتغير، لكن الحوراء ليست مكلفة بشيء، فهي لا تتعب نفسها بشيء، بل هي مرفهة منعمة في الجنة، فعينها غاية في الجمال، فبياض عينها بياض عظيم، وسواد عينها سواد في غاية الجمال.
فأهل الجنة زوجهم الله عز وجل بحور عين، وفي الدنيا الإنسان له أن يتزوج بأربع، وأما في الجنة فيزوج الشهيد باثنتين وسبعين من الحور العين، ولهم فيها ما يشاءون، ومن كظم غيظه يخيره الله من الحور العين ما يشاء على رءوس الخلائق، فيختار من الحور العين ما شاء، فمن مهر الحور العين الصبر في الدنيا على الأذى، وكظم الغيظ، وكتم الغضب إلا أن يكون غضباً لله سبحانه.