تفسير قوله تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الله عز وجل في سورة الجاثية: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨ - ٢٢].
يقول الله عز وجل لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ١٨]، لما ذكر الله موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذكر أنه آتى بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقهم من الطيبات وفضلهم على العالمين، كما قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ﴾ [الجاثية: ١٧]، ذكر أنه جعل رسوله ﷺ نبياً للناس، ورسولاً للخلق جميعهم صلوات الله وسلامه عليه، وأنه جعله على شريعة، أي: على ملة كاملة، وعلى طريق مستقيم قويم، وهو هذه الشريعة.


الصفحة التالية
Icon