تفسير قوله تعالى: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الأحقاف: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الأحقاف: ٥ - ٩].
في هذه الآيات يتعجب الله تعالى ممَّن يعبدون غير الله سبحانه وتعالى وهم يعرفون أن هذه المعبودات لا تنفع ولا تضر، فقوله تعالى: ((وَمَنْ أَضَلُّ)) سؤال تعجبٍ من أمر هؤلاء، والجواب على ذلك أنه لا أحد أضل من هؤلاء.
وقوله: ((يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ)) أي: يدعو آلهة غير الله سبحانه، وهذه الآلهة لا تستجيب له حتى ولو دعاهم من هذا الوقت إلى يوم القيامة، فلو أنه من الآن إلى يوم القيامة جلس أمام هذا الصنم أو أمام هذا الوثن أو أمام هذا الذي يدعوه من دون الله ظل يدعوه ويطلب منه فلن يستجيب له أبداً، فليس هناك أضل من الذي لا يفكر ولا يعقل ما يصنع.
وقوله تعالى: ((وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)) يعني: هذه الآلهة غافلة، فهي جمادات، فعبدوا أصناماً وأحجاراً وشمساً وقمراً وأشجاراً، وعبدوا غير ذلك من الأشياء وهي غافلة لا تعي ما يقول هؤلاء ولا ما يصنعون.


الصفحة التالية
Icon