سبب نزول قوله تعالى: (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الله عز وجل في سورة الأحقاف: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [الأحقاف: ١٠ - ١٢].
يقول الله سبحانه في هذه الآيات من سورة الأحقاف لهؤلاء الكفار: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)) أي: إن كان هذا القرآن من عند الله سبحانه: ((وَكَفَرْتُمْ بِهِ)) أي: لم تصدقوا به، وجحدتم أنه من عند الله سبحانه، وافتريتم على النبي ﷺ أنه جاء به من عنده، ((وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ))، قوله تعالى: ((وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)) قالوا: هذه الآية من هذه السورة آية مدنية، وكانت في إسلام عبد الله بن سلام في المدينة في أول وصول النبي صلوات الله وسلامه عليه إلى المدينة، فقد شهد عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وقد ذكر الله عز وجل شهادته في كتابه بأنه شهد أن هذا القرآن حق، وأن النبي ﷺ حق، وشهد له النبي ﷺ أنه من أهل الجنة رضي الله تبارك وتعالى عنه.
فهذا الرجل العظيم عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان حبراً من أحبار اليهود، وعالماً من علمائهم، وقد عرف صفة النبي صلوات الله وسلامه عليه، فذهب يختبر ويمتحن النبي ﷺ فلما تأكد أسلم رضي الله تبارك وتعالى عنه.