تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد)
أما المؤمنون فيقول تعالى عنهم: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢] المقصود المؤمن التقي الذي يعمل بما يرضي الله سبحانه، ويعمل الصالحات من الأفعال والأقوال، وكلها في ميزان حسناته، وميزان الصالحات.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ [محمد: ٢] أي: صدقوا بما جاء من عند الله، ومن ذلك آيات الجهاد في سبيل الله عز وجل، وقتال المشركين، وآمن بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله: (إنكم إن تركتم الجهاد في سبيل الله سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم).
وقوله: (وهو الحق) جملة اعتراضية؛ ليبين أنه الحق سواء اعترفتم أو لم تعترفوا بأنه الحق، فالله عز وجل قد أخبر بذلك، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [الفتح: ٢٨] فقوله الحق سبحانه.
والذي نزل على النبي ﷺ هو القرآن العظيم، والإسلام وهذا الدين، وهذه الشريعة، والحق هو من الله سبحانه تبارك وتعالى، سواء أقروا أو لم يقروا بذلك، فهو الحق من ربهم.
قال تعالى: ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ [محمد: ٢] أي: ستر عنهم السيئات التي وقعوا فيها، وغفرها لهم سبحانه تبارك وتعالى، ولم يفضحهم بها لا في الدنيا ولا في الآخرة.
﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢] البال هو: الشأن، فشأن الإنسان: باله وحاله، فأصلح الله شأنهم، أي: أصلح حالهم، وأصلح أعمالهم، وأصلح أقوالهم سبحانه تبارك وتعالى، ومصالح دينهم ودنياهم وأخراهم أصلحها الله سبحانه، ووجههم إلى الخير في ذلك.
﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢] على ما يتعلق بأمر دنياهم، وأمر أخراهم، ومن معانيها أيضاً: أصلح نياتهم، وأصلح أعمالهم بإصلاح نواياهم، فالبال المذكور هنا بمعنى: الشأن، ويأتي بمعنى: عمل الإنسان أيضاً، إذاً هنا: أصلح الحال، وأصلح الشأن، وأصلح أعمالهم، وأصلح أمورهم سبحانه تبارك وتعالى.


الصفحة التالية
Icon