تفسير قوله تعالى: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد)
قال الله لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤].
الكفار طلبوا أن يكون الرسول المبعوث إليهم خالداً لا يموت، وكان الكفار يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [الطور: ٣٠]، هذا شاعر سيموت في يوم من الأيام وننتهي منه ومن دعوته، فالله عز وجل يجيبهم: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤] يعني: لو مُت الآن فسيحفظ الله دينه، ونور الله لا يطفئه أحد، فالله عز وجل متم نوره ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢]، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣].
لم نجعل لبشر من قبلك الخلد، مات الرسل ورسالاتهم باقية.
﴿أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، لو مت فهل هم سيخلدون؟! كلكم تموتون: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧]، ورسالة الله عز وجل باقية، مات الرسول ﷺ وحملها من بعده فهم يبلغونها حتى تقوم الساعة.
وقراءة نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف: ﴿أَفَإِينْ مِتَّ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، وباقي القراء وهم ابن كثير وأبو جعفر وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر يقرءون: ((أفإن مُت))، والمعنى واحد.